ولد عمرو بن العاص في إحدى بطون قريش المعروفة باسم بني سهم، وكان أبوه هو العاص بن وائل.
حيث كان من ذوى اليسار، كما كان يتجر بين الشام واليمن، فضلا عن كونه حتشد لكل من رحلة الصيف ورحلة الشتاء.
وفيما يلي أهم المحطات عن حياة هذا الرجل العظيم والكريم عمرو بن العاص خلال أشهر العصور الإسلامية التي قد حضرها.
وذلك لأن سيرة عمرو بن العاص تحظى باهتمام كل من يسعى لدراسة تاريخ العرب والمسلمين بشكل عام، نظرا لدوره الهام في هذا التاريخ.
والمتمثل في القيام بفتوحات هامة وكذلك القيام بأدوار متميزة في هذا التاريخ.
عمرو بن العاص والإسلام
لقد كانت رحابة صدر النبي صلى الله عليه وسلم تسع الناس جميعا.
ولا تضيق بأحد من مختلف الطوائف والطباع.
وقد عرفه الرسول صلى الله عليه وسلم كما عرف غيره من الصحابه خير معرفة.
فقد ندبه لأمور لا يندبه لها إلا من كان على علم واف بالرجل، وما غلب عليه من ظاهر خصاله، واستتر في مكنون خلده.
وقد أقامه على الصدقة في إمارة عمان، فإذا هو عليه الصلاة والسلام قد وعى صفاته ومميزاته.
فقد اختار له المساعي التي توافق رجلا معتدا بنسبه، محبا للرئاسة وتدبير المال، لبقا في الخطاب.
وكذلك كان قديرا على الإقناع، حذرا في موضع الحذر، جريئا في موضوع الجرأة.
عمرو في خلافة أبي بكر
وظل عمرو في ولاية الزكاة حتى توفى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يشأ الخليفة أبو بكر أن يعزله عنها إلا برأيه ومرضاته.
وكان ذلك جريا على سنة التزمها من إقراره كل ما أقره الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته.
وهي “ألا يحل عقالا عقله الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يعقل عقالا لم يعقله”.
ويقال إن عمروا لم ير قط في حزن كالحزن الذي غمره يوم وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
فبكى طويلا، وجلس يتلقى العزاء، كما يتلقاه في أقرب الناس إليه.
وهذه من أهم الحكايات التي تم حكيها عن عمرو بن العاص وتؤكد على أنه كان رجلا تقيا.
عمرو بن العاص في خلافة عمر بن الخطاب
وما زالت ثقة عمر بن الخطاب بكفاءة عمرو بن العاص وحنكته الحربية والسياسية تعظم كلما تم له النصر على مدينة تلو الأخرى.
حتى تم للعرب الاستيلاء على بيت المقدس، وتم تسليمه للخليفة عمر سنه 15 هـ.
وفي عام 18 هـ تطلعت نفس عمرو إلى فتح أكبر وأخطر، إلى فتح الديار المصرية التي كانت درة التاج في دولة هرقل.
أفضى القائد الجرى بأمله إلى الخليفة وبمصر، من أن تفوته وسيلة الإقناع في هذا المقام.
إذ قال له: “فلتكن غزوة مصر دفعا للخطر، وضمانا لأرواح المسلمين”.
وكان عمر بن الخطاب يعلم أنه يستمع إلى صواب، ولكنه استجاب لرأي عمرو بن العاص، وهو بين الإقدام والإحجام، فأذن له بالسير.
وانظره كتابا آخر يأتيه منه في الطريق.
فقال له سأتيك كتابي سريعا إن شاء الله تعالى، فإن أدركك كتابي آمرك فيه بالإنصراف عن مصر قبل أن تدخلها أو شيئا من أرضها فانصرف.
وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي، فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره”.
وقيل إن كتاب عمر أدرك عمروا في رفح، فأغضى عن الرسول حتى بلغ مكانا من مصر غير مختلف فيه.
فقرأ الكتاب وقال لجنده “لم يلحقني كتاب أمير المؤمنين حتى دخلنا أرض مصر، فسيروا على بركة الله وعونه”.