الاضطرابات السيكوباتية
نظرا للدرجة الرفيعة والمنزلة السامية التي حباها الله للأنسان فإن التشريع السماوي نظم العلاقات الأنسانية بين البشر، وشرعت أيضا القوانين الوضيعة لتنظيم هذه العلاقة وامتدت يد التحريم إلى كل إعتداء على العلاقات الأنسانية، ومع ذلك يظل الفعل الإجرامي الذي يقترفه بعض الأفراد وحتى في ظل القوانين الصارمة في المجتمعات الإنسانية ومن البديهي أن تتجه جهود علماء النفس وغيرهم إلى دراسة بعض الظواهر السلبية التي توجد في المجتمع.
وأن يعمل علم النفس في خدمة المجتمع وتحقيق أهدافه ويسهم في تحريره مما يكبل طاقته من الاغلال والقيود ومن المشكلات والازمات.
ومن المشكلات التي تواجه المجتمع الشخصية السيكوباتية، وهي شخصية شاذة حيث يعتاد الشخص السيكوباتي سلوكا شاذا أو عواطف فجة متمردة منذ الطفولة. بالرغم من أن معدل الذكاء لدى الشخص السيكوباتي عادي، أي أنه من متوسطي الذكاء ويصل إلى درجة الإعاقة الفكرية، فتجده يتسم بصفات سطحية في الأستجابة العاطفية التي قد تصل إلى اللامبالاه والعجز عن الأستفادة من تجارب الحياة، أو من الردع والعقاب والأستهانة بالقيم الأخلاقية والعجز عن التكليف الأجتماعي.
بل كثيرا ما يكون سلوكه مضادا للمجتمع مستهينا بما يلحق الغير من أضرار في سبيل مصلحته الشخصية، ومندفعا دون تقدير للعواقب من أجل تحقيق لذة وقتية لحد معين مهما كانت تافهة ومنبوذة في المجتمع.
ومن الأعراض التي تظهر على الشخص السيكوباتي خداع الغير بالعبارات الرنانة والتظاهر بالتمسك بالمبادئ الأخلاقية المثلى ومنذ عام 1835 م أشار بريتشارد طبيب الأمراض العقلية الأنجليزي إلى وجود حالات مرضية.
لا يمكن تصنيفها ضمن المصطلحات المعروفة أطلق على هذه الحالات أسم الخبل أو البله الأخلاقي.
وقد وصفها بأنها نوع من أنواع الأضطراب العقلي يبدو معه صاحبه وكأنه معوق عقليا، أو مصاب بصدمة في دماغه.
حسنا هل لهذه الظاهرة المرضية علاج؟ بالتأكيد وفيما يلي سوف نبين ذلك.
أساليب علاج السلوك السيكوباتي
العلاج النفسي
يهدف هذا العلاج إلى محاولة تصحيح سلوك السيكوباتي وتعديل مفهوم الذات لديه، وحل الصراعات، وغزالة مصادر التوتر والقلق وإشباع الحاجات النفسية والأجتماعية.
وقد يتخذ هذا العلاج الأسلوب الفردي أو الجماعي، ويعتمد النجاح فيه على إيجاد علاقة نفسية شخصية بين المعالج والسيكوباتي.
العلاج الدوائي
يستخدم العلاج بالعقاقير وخاصة المسكنات القاعدية، وقد تبين بعد تخطيط إلخ كهربائيا أن السيكوباتية قريبة من الصرع، وقد جاء في نتائج معهد برلين للتحليل النفسي أن سيكوباتيا بدأوا العلاج في السنوات العشر السابقة لعام “1938 م” فانقطع منهم “18” دون الوصول لشئ ولم يتحسن إلا اربعة منهم، وواحد فقط هو الذي شفى تماما.
لهذا فإن “ويتلز” يستخدم العلاج النفسي في دور الوقاية وليس في دور العلاج وتوجد العمليات الجراحية ويقصد بها عملية شق مقدم الفص الجبهي لقطع المسالك العصبية التي تربط بين الفصوص الجبهية والسرير البصري في التلاموس، وتستعمل هذه الجراحة في حالات الفصام والميلانخوليا، أما من حيث إستعمالها في حالات السيكوباتية فلا تزال التجارب نادرة جدا أما ليفن “Levine” فيرى أن السيكوباتية أصعب في علاجها من العصاب، وذلك لأنها على صلة وثيقة بعنصر اللذة.
العلاج الديني
يهدف هذا النوع من العلاج إلى إعادة تربية الشخص السيكوباتي بإعادة وضع أطار قيمي أخلاقي نابع من عقيدة إيمانية سليمة يضم هذا الأطار التعاليم الدينية والقيم الروحية والأخلاقية والتوازن بين جانبي الحياة المادي والروحي ويتم العلاج عن طريق الأعتراف بالذنوب والخطوة التالية تعديل السلك “السلوك” الغير سوي وبعدها تبصير المريض بأسباب مشكلاته وتكمن الخطوة الأخيرة في التوبة وطلب المغفرة من الله عز وجل.